الاتحاد المغاربي .. حلم لم يتحقق وخلافات سياسية بين قواه مستمرة

دول المغرب العربي ظلت طوال عقدين من زمن تتمنى أن تشم فاعلية لذلك الاتحاد الذي تأسس في السابع عشر من فبراير 1989، وكان الأمل كبيرا به كاسمه المغرب الكبير.. ولكن الخلافات والصراعات زادت مع تأسيسه ولم يستفد منه أحد ولم نلحظ أي نتيجة تذكر لذلك الاتحاد المزعوم، بل إن دوله ازدادت فرقة، فالمغرب تصارع مع الجزائر من أجل السيادة والزعامة.. وتونس اختارت الحياد كمبدأ، وموريتانيا ليس لها تأثير أصلا بسب مشاكلها الاقتصادية وعدم امتلاكها قوة عسكرية أو سياسية، أما ليبيا فابتعدت كثيرا في عهد العقيد من جيرانها ثم ابتعدت أكثر بعد سقوطه حتى عن مفهوم الدولة، فهي الآن إلى الدول الفاشلة أقرب بسب الحرب فيها والتي لم يكلف الاتحاد المزعوم الذي يضمها عناء السؤال عنها أو التدخل ولو قليلا .

"

ورغم أن المغرب عقد اجتماع الصخيرات الشهير الذي جمع الأطراف في ليبيا إلا أن القرار آنذاك كان بيد الاتحاد الأوربي لا بيد الاتحاد المغاربي الذي ليس له دور حاليا ولا سابقا، فكل يغني فيه على ليلاه.

خمس دول عربية اختارت الاتحاد اسما، ولكن شعوبها لا تستطيع الدخول إلى أراضيها دون تأشيرة رغم أنهم متحدون، وهذه مشكلة بسيطة بالمقارنة بأم المشاكل التي قصمت ظهر الاتحاد المغاربي.

– الصحراء وما أدراك ما الصحراء الغربية:

المناوشات الموريتانية المغربية على حدود الصحراء الغربية.. والتحركات الجزائرية الأخيرة وتوقيع الاتفاقيات مع موريتانيا؛ تعيد إلى الأذهان فترة سوداء وصفحة تتمنى شعوب المغرب العربي أن لا تتكرر حرب الصحراء إبان السبعينيات بين المغرب وموريتانيا والبوليساريو، ولم تكن اليد الجزائرية بعيدة عنها فيما اكتفت تونس وليبيا بالفرجة.. وانتهت تلك الأيام السوداء بتوقيع اتفاقية بتقسيم الصحراء الغربية بين موريتانيا والمغرب سنة 1975، قبل أن تنسحب موريتانيا سنة 1979، مشترطة أن تبقى منطقة لكورية شاغرة فكان لها يومئذ ما أرادت.. ولكن الانسحاب الموريتاني لم ينه المشكلة فاحتدم الصراع بين جبهة البوليساريو والمغرب وانتهى سنة 1991، بتوقيع اتفاقية وقف إطلاق النار تحت رعاية الأمم المتحدة، ودخلت قوات الأمم المتحدة إلى منطقة لكورية الحدودية وسيطرت عليها.

أهمية لكويرة:

لكورية تقع في الجنوب الغربي من الصحراء، وعلى بعد سبعة أميال من العاصمة الاقتصادية الموريتانية نواذيبو.. كما يحدها من الشمال وادي الذهب الذي تسيطر المغرب عليه، وكلا الجارتين الشقيقتين تخشى سيطرة إحداهما على تلك المنطقة وكل محق في حساباته، والحق أنه على المغرب وموريتانيا التراجع خطوة إلى الوراء، أي أن تبقى منطقة لكويرة كما كانت شاغرة ولا يرفع عليها لا علم أخضر ولا أحمر، بل الأبيض يليق بها أكثر.

"

كان بإمكان دول الاتحاد المغاربي أن تعيش أفضل مما كان لو تجاوز الاتحاد مرحلة التسمية فقط.. لو تعاونا اقتصاديا.

"

الصراع المغربي الجزائري:

من الإيجابيات أن الصراع المغربي الجزائري لم يصل حتى الآن إلى حد حمل السلاح والقتال كما حدث سابقا بأن ما عرف بحرب الرمال في ستينيات القرن الماضي، ولكنه ظل محتدما، وآن الأوان لإنهائه. فالتنافس ظل سياسيا وعسكريا ووصل في بعض الأحيان إلى حد المقاطعة، وهو أمر لا يليق بدولتين شقيقتين كبيرتين لا يتم الاتحاد إلا بهما.. كما لا يليق أن تبقى تأشيرة الدخول حاجزا بينهما، ألا يسمونه بالاتحاد المغاربي.

الاتحاد مطلوب الآن أكثر من أي وقت، في وقت يهدد الإرهاب المنطقة وتشتعل ليبيا وتواجه تونس أزمة اقتصادية، المطلوب أن يظهر دور الاتحاد المغاربي، في وقت تدق طبول الحرب في منطقة الصحراء يعرف الجميع أنها بالوكالة المطلوب تفعيل الاتحاد المغاربي وإلا فليدفن من دون أن نصلي عليه..

في وقت تتبادل الجارتان الشقيقتان الجزائر والمغرب الاتهامات وتخوضان حربا إعلامية باردة، المطلوب تفعيل الاتحاد المغاربي وإلا فإننا سنبكي جميعا ذلك الحلم الضائع الكبير. كان بإمكان دول الاتحاد المغاربي أن تعيش أفضل مما كان لو تجاوز الاتحاد مرحلة التسمية فقط.. لو تعاونا اقتصاديا.

موريتانيا تمتلك من الخيرات ما يغني المغرب العربي كله.. هذه موريتانيا فماذا عن الجزائر والمغرب الكبيرتين سياسيا وعسكريا واقتصاديا ؟ ماذا عن تونس وليبيا الغنيتين اقتصاديا ومعرفيا وسياسيا؟ الآن وقت الاتحاد المغاربي يا شعوب المغرب الكبير وإلا فلا؟