موريتانيا ذلك الوطن الذي نهرب منه - محمد المختار الشيخ

من أي بلد أنت ؟ أنا من موريتانيا  فيكون السؤال القادم في عينيه حتى ولو لم يقله  تعجبا واستغرابا وبهتة فلأول مرة يسمع ويسمعون هذا الاسم

يخيل لأحدهم أنها بريطانيا ويقول الآخر ربما  هي من دول الامريكتين

إنه سؤال متكرر يواجهنا أين ما ذهبنا  في اسطنبول وانقرة وحتى في شقيقاتنا  العربية إنهم يعرفون أسماكنا أكثر منا هنا في بلاد العثمانيين وأرض الأناضول

موريتانيا ذلك الوطن الذي نهرب منه

ذلك السؤال الذي يخجل بعضنا من الإجابة عنه وينتحل آخرون صفات دول أخرى حتى يتجنبوا  حرج الإجابة عنه  ... فكم هو مؤلم أن يكون وطنك أو بيتك مجهولا بين البيئة والمحيط الذي تعيش فيه

العيب ليس في الاسم ولا في الدولة العيب فينا نحن الذين لم نعرف بوطننا  وخاصة مع توفر الفرص الحديثة من وسائل اتصال وتكنولوجيا جعلت العالم قرية واحدة وبيتا واحدا

فلماذا لا نكون جميعا وسيلة لتعريف العالم بموريتانيا ؟

شعراء وأدباء وكتابا ورياضيين وسياسيين  وطلابا وطالبين  فهذا حق الوطن علينا

فالأمم  لا تنهض إلا بالتعريف بذاتها والاعتراف بها  واسألوا الأمريكان واليابانيين والقائمة تطول

حدث العالم عنك  عن رمالك الممتدة شمالا وشرقا  عن صحراءك  عن سهول تجكجة وهضاب أدرار عن نهر روصو سينغال  وشواطئ  نواذيبو عن أسماكنا الصغيرة والكبيرة التي حبانا الله بها دون عن العالم

كلمهم عن بوادينا عن الإبل والبقر والخيل والأنعام وحرث شمامة

حدثهم كيف بدأ يوسف بن تاشفين ويحي وعبد الله بن عمر رحلتهم من تلك الصحراء ليؤسسوا دولة المرابطين وعن أحفادهم الذين حفظوا سيرتهم ومجدهم

كلمهم عن آثار ولاتة ومعالمها  التاريخية وعن كتب شنقيط ومكاتبها

قل لهم أن ودان حضارة وتاريخ وإن طبيعة شرق موريتانيا أجمل أرض الله .

علمهم من علم المختار وسيد عبد الله وولد عدود وبداه والقائمة تطول

قل لهم أن ول ددو إبن تلك البوادي وسليلها وأن ول بية خرج من هناك

قص عليهم قصص الحب بين الشنقيطي واللغة كيف عشقنا الأدب وأحببنا النحو وتيمنا بالصرف وعلوم البلاغة وكيف حفظناها حين أضاعها العرب إبان سنواتهم الخالية فلم تضعنا

قل لهم أن بن مالك وبن عاشر وخليل والأشعري والأخضرى  وعبيد ربه عاشوا بيننا بعلمهم ومتونهم  وأنظامهم وألفيتهم هناك في محاظرنا حيث يترعرع أشبالنا على التجويد ويرضعون من أصول الفقه وينامون على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم

قل لهم إن لدينا ألف نزار ومئات من أحمد شوقي وأننا حفظنا للمتنبي شعره ولمرؤ القيس معلقته

كلمهم عنك فأنت جدير بأن يعرفوك ويعرفوا أنك سليل عروبة أفريقي

ولو سألوك ماهي موريتانيا قل لهم أن لكل حرف من حروفها معنى

فالميم : مجد شنقيط ودولة المرابطين

والواو : واو الوحدة حين امتزج الأفريقي بشقيقه العربي

والراء : رمالنا وصحارينا التي تعتبر من الأكبر والأطول في العالم وأسألوا  كل متسابقي رالي دكار إن كنتم لا تعلمون

والياء : ياءالحياة التي نعيشها حين اختلطت المدينة بصخبها وأضواءها بالبادية بعنفوانها وقسوتها وجمال طبيعتها

والتاء : تاء التعليم علماءنا وأدباؤنا وشعراءنا وتعاليمنا وتقاليدنا التي لم نتخلى عنها إلى يومنا هذا  من كرم الطباع وإكرام الضيف والتضامن والتكالف الاجتماعي  والأعراس في بلاد خير الشاهدين وغير ذلك كثير

أما الألف : فالأنعام الكثيرة من أبل وبقر وأسماكنا التي ترمز ألينا في كل دول العالم  إننا نمتلك أغنى ثروة سمكية وحيوانية في العالم

النون : نون نسوتنا العفيفات بزينهن التقليدي الملحفة وبحيائهن وحنتهن وماصنعت أيديهن من زخارف وحصائر وقبعات وخيام

والياء : ياء الحياة البسيطة والمغامرات من أجل لقمة العيش هناك حين يحمدون ربهم في السراء والضراء ويرضون بالقليل  ويرونه كثيرا  يكفيهم رضى الأم وابتسامة الأب ويعتبرون الخال والخالة أما وأبا  وأما الجدة فلها في نفوسهم  مال للأم وأكثر  والأقربون عندهم أولى بالمعروف والضيف قبلهم

وإن جار زمان كان أخوك وصديقك من يسعى معك ويضر نفسه لينفعك

ونختم بالألف الأخيرة : فهي أرض طيبة  ثروتها الحقيقية العلم وتراثها علماءها وشعراءها

إن أمام الموريتانيين اليوم فرصة تاريخية خاصة هذا الجيل  الذي يعتبر محظوظا بوسائل التواصل والوصول السريع   للمعلومة

فيا أيها الأدباء والشعراء والمثقفون والرياضيون  والمغتربون والفنانون وكل من حطت رجله خارج أرض الوطن كونوا سفراء ورسلا وبلغوا عن موريتانيا ولو  معلومة واحدة ولا تخجلوا منها ولا من اسمها بين العالم فأنتم سليلو  عروبة أفارقة

في لسانكم بيان أنكم عرب .