الخليج أونلاين ترصد الدعم الخليجي لأزمات المياه في موريتانيا والعلاقات الموريتانية الخليجية- تقرير : طه العاني

تحظى موريتانيا بدعم خليجي وعربي في مختلف المجالات؛ أبرزها المجالات الإنسانية والطبية، حيث دعمت هيئات إغاثية في دول مجلس التعاون الخليجي جمهورية موريتانيا الشقيقة بمبالغ مالية لمواجهة أزمة المياه الحادة.

وسبق ذلك صور عديدة من الدعم تمثلت في المساعدات الطبية، وبناء الوحدات السكنية والمستشفيات وغيرها، إضافة إلى وجبات المواد الغذائية.

ويواجه عدد من المدن الموريتانية أزمة حادة في مياه الشرب، وتزداد حدة هذه الأزمة مع بداية أشهر الصيف، رغم الجهود التي تبذلها الحكومة الموريتانية لحل تلك الأزمة في مدن البلاد.

ولمواجهة هذه الأزمة حصلت موريتانيا على تمويل بقيمة 317 مليون دولار لتوفير مياه الشرب بمدن في وسط وجنوب البلاد، وفق ما أعلنه عثمان مامودو كان، وزير الاقتصاد الموريتاني، يوم الاثنين 15 نوفمبر 2021.

وخلال مؤتمر صحفي في العاصمة نواكشوط قال مامودو كان إن 6 صناديق للتنمية عربية خليجية ودولية وافقت على منح موريتانيا المبلغ لصالح المشروع المذكور، وهي "الصندوق السعودي للتنمية"، و"صندوق أبوظبي للتنمية"، والصندوق الكويتي للتنمية"، و"منظمة أوبك"، و"البنك الإسلامي للتنمية"، و"الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي".

وترأس الوزير الموريتاني اجتماعاً في نواكشوط لبحث تعبئة الموارد اللازمة لتمويل مشروع تزويد مدينة كيفة وسط البلاد بالماء الصالح للشرب انطلاقاً من نهر السنغال، وحضر الاجتماع ممثلون عن الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والبنك الإسلامي للتنمية، وصندوق الأوبك، وصندوق أبوظبي للتنمية، والصندوق السعودي للتنمية.

السعودية.. أكبر مستشفى

وقدمت المملكة العربية السعودية 55 مليون دولار إلى موريتانيا بهدف بناء أكبر مستشفى، حيث وقعت موريتانيا والمملكة العربية السعودية، في فبراير 2021، مذكرة تفاهم بشأن منحة قدمتها من المملكة مخصصة لبناء وتجهيز مستشفى الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.

ونقلت الوكالة الموريتانية للأنباء عن بيان صادر عن وزارة الشؤون الاقتصادية وترقية القطاعات الإنتاجية الذي جاء فيه: إن "هذا المشروع يهدف إلى دعم التغطية الصحية في بلادنا، خاصة في مدينة نواكشوط، وتلبية للطلب المتزايد على الخدمات الصحية لساكنة المدينة، خصوصاً ما يتعلق منها بالمجالات التخصصية التي تتجاوز قدرة المستشفيات العامة الموجودة بها".

وأكد البيان أن "المستشفى سيشكل مرجعاً لـ15 مستشفى جهوياً على المستوى الوطني، فضلاً عن دعمه للمؤسسات الصحية المتخصصة ذات القدرة الاستيعابية المحدودة، كما سيساعد في تدريب وتأهيل الكوادر البشرية الطبية بصفته مستشفى جامعياً، وبفضل موقعه الجغرافي وما ينتظر أن يلعبه من دور في الرفع من مستوى الخدمات الصحية في البلد بصورة عامة".

ويعد المستشفى متعدد التخصصات، وتبلغ سعته 300 سرير، ويضم أقساماً عدة؛ وهي الطوارئ، والتنويم العام، والتنويم للجراحة، وقسم العمليات الجراحية، وقسم الأمومة، وقسم الأطفال، وقسم العناية المركزة، وقسم طب الكلى.

ويحتوي المستشفى السعودي في نواكشوط على العديد من العيادات، ومختبر متكامل وآخر للحالات المستعجلة، ومبنى للإدارة العامة، وسكن للأطباء بطاقة استيعابية تصل إلى 50 وحدة سكنية، وغيرها من المباني الإدارية الضرورية، وفق بيان وزارة الشؤون الاقتصادية.

الإمارات.. دعم متنوع

وحظيت موريتانيا بدعم إماراتي كبير خلال السنوات الأخيرة، حيث يدير الهلال الأحمر الإماراتي مشاريع تنموية في موريتانيا، في مجالات مختلفة كالصحة والتعليم والمرافق العامة.

وحضر وفد هيئة الهلال الأحمر الإماراتي برئاسة سالم السويدي، في أكتوبر 2020، تدشين جناح الأم والطفل في مستشفى الشيخ زايد في نواكشوط، وكذلك أشرف على تسليم منظمة "عطايا الإمارات" لـ40 وحدة سكنية ومدرسة ومسجداً وعيادة طبية وبئراً ارتوازية وغرفة لتعليم الحرف، لصالح عائلات متعففة بقرية دالي كمبة في بلدية كومبي صالح شرقي موريتانيا.

كما أنشأت الإمارات، في يوليو 2021، "مستشفى محمد بن زايد" الميداني في مدينة نواكشوط، مجهزاً بجميع المعدات الطبية والأدوية إلى جانب 200 سرير لعلاج المصابين بفيروس كورونا.

وفي 8 سبتمبر 2021، أرسلت طائرة إمدادات ومستلزمات طبية إلى موريتانيا تتضمن 100 ألف جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، وتعد هذه الطائرة الخامسة من نوعها التي ترسلها الإمارات إلى موريتانيا، وتضم إلى جانب اللقاحات 15 طناً من الإمدادات الطبية وأجهزة الفحص.

وأيضاً استطاعت "حملة 100 مليون وجبة" التي تنظمها "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية" توزيع 4.5 مليون وجبة في الجمهورية الموريتانية بالشراكة مع شبكة بنوك الطعام الإقليمية، وبالتعاون مع الجهات المعنية والجمعيات الخيرية.

وجرى توزيع الوجبات بصيغة مواد غذائية ومكونات أساسية سهلة التخزين على 92 ألف مستفيد، في منتصف سبتمبر 2021، وتألفت الطرود الغذائية التي وزعتها الحملة 100 مليون وجبة في موريتانيا من مكونات أساسية مطلوبة لإعداد وجبات طعام متوازنة، بما في ذلك الأرز، والسكر، والزيت، والتمر، والطحين.

 

اقرأ أيضاً

الرياض تمنح نواكشوط 55 مليون دولار لبناء أكبر مستشفى في موريتانيا

الكويت.. تسوية ديون

أما الدعم الكويتي للجمهورية الموريتانية فقد تمثل في التسوية النهائية للديون المتراكمة منذ 4 عقود من الزمن، والتي أعلنتها أعلنت الحكومة الموريتانية، في 26 أغسطس 2021.

وقال وزير المالية الموريتاني محمد الأمين ولد الذهبي، إن التسوية تقوم على إلغاء 95% من الفوائد، وتحويل الـ5% المتبقية إلى استثمارات، وتسديد أصل الدين على مدى 20 عاماً، مع فترة سماح مدتها سنتان، ولم يعطِ وزير المالية تفاصيل بشأن حجم هذه الديون.

وأضاف ولد الذهبي في مؤتمر صحفي مشترك بالعاصمة نواكشوط: إن "الملف بقي عالقاً كل هذه الفترة رغم العلاقات المتميزة بين البلدين"، لافتاً إلى أن ملف الديون الكويتية أثرت على مصداقية الدولة (موريتانيا)، وخاصة على مؤشرات الاستدانة.

وأشارت تقديرات بُثت في وسائل إعلام محلية إلى أن هذه الديون تصل إلى نحو 950 مليون دولار، لكنّها في الأغلب فوائد على دين أصله 150 مليون دولار، اقترضت موريتانيا أغلبه في ثمانينيات القرن الماضي.

عُمان.. دعم مالي

ولم يكن الدعم الخليجي لجمهورية موريتانيا جديداً، حيث شهدت السنوات السابقة أشكال دعم متنوعة، حيث تبرعت سلطنة عُمان، في مايو 2014، بمبلغ مالي للعائلات المتضررة في موريتانيا.

ورحب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بهذه المساهمة العُمانية، حيث بلغت قيمة التبرع مليون دولار أمريكي.

وتهدف مساهمة السلطنة إلى دعم مشروعات تقديم المساعدات الغذائية للأشخاص الذين يعانون تبعات موجات الجفاف والصراعات في مناطق غرب أفريقيا.

وحول تلك المساهمات قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي إرثارين كازين: "نشعر بالامتنان العميق لسخاء سلطنة عُمان تجاه شعوب منطقة الساحل الأفريقي الذين قد يتم التغاضي عن احتياجاتهم بسبب حالات الطوارئ الأخرى التي تجذب الانتباه إليها".

وأضافت كازين أنه بالدعم الذي يقدمه متبرعون مثل سلطنة عُمان، نبني على المشاريع التي تعزز القدرة على تحمل الأزمات، والتي كانت جزءاً من استجابة البرنامج إلى موجة الجفاف المدمرة في 2011-2012، التي تضرر منها ملايين الأشخاص، وكان الكثير منهم من النساء والأطفال.

قطر.. إغاثة المتضررين

وكعادتها لم يغب جهود الهيئات والمؤسسات الإغاثية القطرية في دعم موريتانيا، حيث أقدمت منظمة "قطر الخيرية" على تقديم المساعدات الإغاثية لمتضرري العواصف في ولاية البراكنة وسط موريتانيا، في نوفمبر 2015.

وتضمنت حملة المنظمة القطرية توزيع مساعدات إغاثية عاجلة لصالح نحو 150 عائلة موريتانية تضررت مساكنها وممتلكاتها جراء العواصف والأمطار، مما جعلها عرضة للتشرد والحاجة للمساعدة في المأوى والغذاء وغيرها.

ووفق ما كشفته المنظمة، فقد تدخل مكتب قطر الخيرية بموريتانيا عاجلاً من أجل مساعدة العائلات المنكوبة، التي تهدمت منازلها وتلفت ممتلكاتها، وأصبحت تعيش في العراء وتحتاج إلى المساعدة، خاصة الجانب الغذائي.

كما قدمت المنظمة مساعدات غذائية في أكثر من 10 قرى، واستفادت العائلات المستهدفة من الحصول على مواد غذائية شملت الأرز والزيت والقمح، إضافة إلى مساعدات أخرى مثل توزيع الناموسيات التي تحول بين هذه الأسر وبين البعوض المنتشر في المنطقة، خاصة في فصل الخريف، الذي يسبب الكثير من الأمراض كالملاريا وغيرها.

دعم وعلاقات

ويقول الإعلامي والباحث محمد الحافظ الغابد، إن الدعم الخليجي لموريتانيا كبير ويغطي مجالات متنوعة، كالصحة والتعليم، وتمويل مشاريع البنية التحتية مثل المياه والطرق وغيرها.

ويضيف لـ"الخليج أونلاين" أن "هذا الدعم يعد الأفضل لموريتانيا بالمقارنة مع دعم الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال، فموريتانيا دولة ريعية فقيرة، ورغم امتلاكها لثروات متنوعة فإنها تعتمد بشكل كبير على الدعم العربي والخليجي قبل الدعم الأوروبي والأفريقي".

ويشير الغابد إلى أن موريتانيا تعول على الحصول على الدعم من الصناديق العربية، وأبرز مموليها هم الخليجيون، لذلك تراهن موريتانيا على تطوير علاقتها بالحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي من أجل الحصول على دعم هذه الحكومات المباشر، وكذلك على دعم الصناديق الخليجية والعربية، في مسعى للحصول على ما يخفف سد الفجوات الاقتصادية عبر آلية الاستدانة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي".