حمالة ميناء انواكشوط… غياب الحقوق وتنصل الجهات المعنية من التزاماتها

محمد ولد امبارك أحد الحمالة الذين يعملون في ميناء نواكشوط المستقل، عمل بالميناء منذ ما يزيد عن اثني عشر سنة، أبٌ معيلٌ لأسرة يقول إن الأجور التي تقاضاها جراء عمله في الميناء وفرت -على عدم رضاه عنها- لقمة العيش لأسرته كما ساعدت في توفير الحاجيات المدرسية لإبنيه ( أحدهما الآن طالب جامعي ) 
منذ الخامس من أكتوبر الماضي يدخل محمد في إضراب مع زملائه الحمالة الذين لديهم مطالب يرى محمد أنها الاستجابة لها ضرورية وفاء لما قدموه للميناء. 

ميناء نواكشوط المستقل أو ميناء الصداقة شيد قبل ما يزيد عن 35 سنة وتحديدا  في السابع عشر من سبتمبر عام 1987

وعرف الميناء في 14 من دجمبر 2021 توسعة في بناء رصيف للحاويات بطول 570 مترا وعمق 15 مترا، وهو ما وفر قدرة استيعاب إضافية للميناء قدرها 600 ألف حاوية سنويا، تضاف إلى قدرة الاستيعاب السابقة للميناء التي كانت بحدود 350 ألف حاوية.
لا يعتبر الميناء رئة اقتصادية لموريتانيا وحسب بل يستقبل أيضا الواردات إلى بعض بلدان المنطقة كمالي و النيجر و الصحراء الغربية 

منذ تأسيس الميناء عمل به آلاف الحمالة وهم شريحة عمالية يعيل أفرادها آلاف الأسر يعيش معظمها في أحزمة الفقر بنواكشوط و بالقرى و آدوابه النائية في أرجاء البلاد
ويشكل تفريغ حاويات البضائع القادمة على متن السفن التجاربة عبر ميناء نواكشوط المصدر الرئيسي لدخل آلاف الحمالة، الذين تؤطرهم مركزيات نقابية

مطالبة بتحسين أوضاعهم نظم الحمالة عشرات الوقفات الاحتجاجية ودخلوا في العديد من الإضرابات، وتتجسد مطالبهم في إضراباتهم واحتجاجاتهم المختلفة في تحسين الأجور وتوفير التأمين الصحي والتأمين الاجتماعي لهم ولعائلاتهم 
 
 فمنذ قرابة شهرين وتحديدا من 05 من أكتوبر 2022 
دخل عمال الميناء البالغ عددهم 2506 إضرابا عن العمل يرجعون أهم أسبابه إلى غياب حقوقهم كعاملين، ومجابهة مطالبهم الاجتماعية والاقتصادية والصحية بالمماطلة و المراوغة فمنهم من يعمل في الميناء منذ أكثر من عقدين من الزمن ولم يتمتع بحقوقه كاملة كعامل حسب ما قال "عاليو ديه الملقب كاو" الأمين العام لقسم كونفيدرالية السائقين العاملين والعمال الموريتانيين في الميناء.
وأضاف "عاليو ديه" أن الميناء لا يتوفر حتى على سيارة إسعاف مجهزة بأدوات الإسعافات الأولية، الأمر الذي قد يودي بحياة الحمال للخطر خاصة أنه يعمل في ظروف يتعرض فيها أحيانا لإصابات تتطلب الإسعافات الأولية.

وكان الحمالة قد نظموا قبل هذا الإضراب وقفة احتجاجية بمحيط الميناء أواخر يونيو من العام الجاري رفضا لما قالوا إنها إجراءات اتخذتها إدارة الميناء تم بموجبها السماح فقط لنحو 520 عاملا بدخول الميناء

 عثمان ولد امبارك، أحد الحمالة غير الدائمين بالميناء وعضو النقابة المهنية للحمالة قال إن إدارة الميناء، كانت قد فتحت باب المغادرة الطوعية أمام الحمالة، مقابل دفع مبلغ مالي يقدر بمائة وعشرين ألف أوقية جديدة، فيما تم ترسيم 520 حمال فقط من مجموع العمال الذين يزيد عددهم عن 2000 عامل، مضيفا أن العمال ينددون بهذا القرار الذي وصفه بالجائر

 في بيان صادر عنها ردا على إضراب عمال الميناء ومطالبهم قالت إدارة شركة تسيير العمل المينائي SOGETRAP التابعة لميناء نواكشوط المستقل إن عدد الحمالة تجاوز الحاجة الفعلية، مشددة أن الوضعية الحالية ما هي إلا تراكمات لفترات طويلة من التسيير غير المعقلن لملف الحمالة مؤكدة أنها عملت ما في وسعها من أجل تحسين ظروف العمال إذ تمت تسوية وضعية 91 حمالا (متقاعدين، متوفين، غير قادرين على العمل،...) كما وقعت اتفاقية مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، من اجل توفير التأمين الاجتماعي للحمالة الدائمين وغير الدائمين. و هو ما قالت الشركة إنه تم بالفعل مضيفة في بيانها أن الحمالة يستفيدون حاليا من الضمان الاجتماعي.
وحسب البيان فإن الشركة وقعت اتفاقية مع الصندوق الوطني للتامين الصحي، بموجبها يتم توفير التأمين الصحي للحمالة الدائمين و غير الدائمين و قد استفاد منها إلى حد صدور البيان (  28 أكتوبر 2022 ) 1250 حمالا، و البقية قيد الإجراءات وفق الشركة
وفي ردها على اكتتاب 520 حمالا مهنيا (دائما) من بين الحمالة غير الدائمين قالت الشركة إن اكتتاب هؤلاء جاء من أجل العمل في تفريغ و شحن البواخر، و هو عدد أضافت الشركة أنه يزيد على حاجة مستخدمي العمالة الدائمة على مستوى الميناء. 

ويقول عاليو ديه أن الاكتتاب الذي قامت به الشركة المعنية بشؤون العمالة بالميناء لم يكن في المحضر الذي تم الاتفاق عليه منذ سنتين من جميع الجهات المعنية بما فيها النقابات العمالية، ويضيف أن الشركة تختزل تحسين ظروف العمال في هذا الاكتتاب الذي توجد معايير واضحة لاختيار من تم اكتتابهم.

ويدين الساموري ولد بي، الأمين العام للكونفدرالية الحرة لعمال موريتانيا، سياسة الحكومة حيال مشاكل الحمالة بميناء نواكشوط المستقل بقوله إن السلطات المختصة تعمدت فصل العديد من هؤلاء بشكل تعسفي، بدلا من تسوية أوضاعهم.

ويشكل تفريغ حاويات البضائع القادمة على متن السفن التجاربة عبر ميناء نواكشوط المصدر الرئيسي لدخل آلاف الحمالة لكن ما زال الحمالة مضربون عن العمل في انتظار أن تستجيب السلطات لمطالبهم.

 

حامد محمد المختار // تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا