آغباد الموريتاني وصراع الأجيال/ سيد ابات محمد الامين
كتبت في شهر رمضان الماضي مقالا عن "أغباد" الموريتاني نشرته بعض المواقع والمنصات مشكورة، وحاولت حينها أن أنتصر له، مع رصد بعض المبررات والعوامل التي تدفع الشباب إلى العزوف عنه، وكان ذلك المقال مشاركة في سجال قديم متجدد، بين المناصرين والمناوئين له، أما اليوم بعد بعث ذلك الجدل من جدد فسأحاول أن أناقش الموضوع من زاوية أخرى دون تعريف لأغباد أو ذكر لخصوصية "النمط الموريتاني في التلاوة /أو الصحراوي بشكل عام، فقد ركزت على ذلك في التناول السابق، ولسبر أغوار هذه الموضوع سأوزعه إلى نقاط جزئية دون الالتزام برابط موضوعي لهذه المعالجة.
مدير الفتوى يصف بعض الأئمة بأنهم يقرؤون بقراءة غريبة
أول من بعث هذا الجدل من مقرده هذه المرة هو مدير الفتوى بالمجلس الأعلى للفتوى والمظالم الأستاذ الفقيه خاديل ولد عبد الرحمن الذي دافع عن آغباد الموريتاني بشدة، في منشور له على الفيسبوك ضمن سلسلة يكتبها تحت عنوان "مجالس العلم" كما أعلن مسؤوليته عن إلزام القراء بالنبرة الموريتانية، أوان تسجيل أول دفعة من المصاحف المسموعة بإذاعة القرآن الكريم حين كان رئيسا للجنة تسجيل المصاحف، واصفا عمله بالإنتاج المحلي حيث قال: "وأشرفت على أول دفعة من المصاحف من انتاج محلي رفقة مجموعة من المشايخ والطواقم الفنية" الفقيه خاديل ولد عبد الرحمن وصف بعض القراء بالغرابة.
بداية الجدل
القارئ الموريتاني الدولي مصطفى ولد أبوه (هارون) رد في منشور له على مدير الفتوى وتساءل: "أتمنى ممن صَلََّى خلف أحد أئمتنا الذين يقرؤون ب "النبرة الغربِية" أن يُخبرنا عنها أو يُسجل لنا لنسمع.."
علاقة النبرة الموريتانية بضعف الأداء
يكاد المتناولون لهذا الموضوع بالبحث والنقاش يجمعون على علاقة النبرة الموريتانية بضعف الأداء، يقول الشيخ خاديل ولد عبد الرحمن في سياق حديثه عن تسجيل المصاحف "وجدنا أنفسنا أمام الإشكال التالي : الذي يقرأ ب " غباد " محلي ينقصه الأداء ، والذي يقرأ بأداء لا يتقنه إلا بالتشبه بالآخر ، هذ ا مع بعض الاستثناء ."
ويقول الدكتور محمد الأمين السملالي في منشور له على الفيسبوك ردا على منشور الشيخ خاديل المذكور "إذا أردنا حقا إحياء "آغبادنا" الأصيل، فإن ذلك يكون بأمرين:
أحدهما: تخصيص جوائز سنوية تشجع القراء الشباب على التنافس فيه، إضافة إلى جوائز الحفظ والتجويد.
والثاني: بأن نعلن النكير بلا مواربة على تلاوات أغبّاد المتداولة التي لا تلتزم بأحكام التجويد، وما أكثرها.. وإن كانت مصاحف كاملة، نسحبها من التداول، ونعوضها بما هو صحيح وأصيل."
أما القراء الشباب فأغلبهم لا يفوت فرصة للحديث عن ضعف أداء أصحاب "النمط التقليدي" بل ويعلنون جهارا أن هناك شيوخا تصدروا المشهد وحكموا في المسابقات ظنا منهم أنهم قراء وما هم بقراءٍ برأيهم، ويكاد أغلب جيل القراء الشباب ينقسمون في رأيهم حول النمط الموريتاني بين موقفين لا ثالث لهما:
_ موقف التشديد والنكير على من يقرأ بآغباد "تقليدي" ويرون أن طريقته لا تصلح أصلا لقراءة كتاب الله تعالى وتستحيل معها تسوية الحركات وإعطاؤها حقها ومستحقها من الصفات.
_ موقف التوسط واللين: ويرى هؤلاء أنه لا بد من الاعتراف بضعف عناية أهل هذا البلد قديما بالتجويد وأحكامه، ولكن لا بأس على من تمرن على الأحكام واعتنى بالتصحيح أن يقرأ بأي نمط شاء.
سيد أبات محمد الأمين