لماذا ضرب السنوار المسيرة بعصاه؟!/ المصطفى محمد محمود
لم يضرب السنوار المسيرة لإسقاطها تمسكًا بالأمل في الحياة، بل إعذارًا إلى الله بأن يقاتل العدو حتى آخر رمق.
فالسنوار خير من يعرف أن للمسيرة قدرة كبيرة على تغيير الاتجاه والمناورة، وأن العصا قد لا تسقطها، وأن العدو أحكم حصاره وأعدّ عدته حين وجد الصيد الثمين.
لكنه أراد بإرادة الله وقرر بعين الله، ألا تنكسر العزيمة رغم النازلات الماحقات، وأن تُختتم النهايات بصورة مقاومة رغم الدماء النازفة والجروح الغائرة.
أوصل السنوار رسالته إلى العالم بأن شلل اليمنى لا يعيق أداء اليسرى، وأن تحقق الموت لا يعني الاستسلام، وأن من يقاوم لن يعدم وسيلة، وأن رسالة المقاومة أرفع وأسمى من أن تمنعها الوسائل.
اشتباك السنوار مع العدو لم يطل نظرًا لفارق الإمكانات، لكنه ملأ الدنيا وشغل الناس، لأنه لخّص تراجيديا ملحمية تدرجت من بندقية إلى قنبلة يدوية، انتهاءً بعصا، حيث تكيف الجسم مع الخيارات المتاحة حسب ظروف الاشتباك.
رسالة أخرى حملتها إلينا حادثة الوفاة -بل الحياة- في جلوس السنوار متربعًا على كرسيه؛ لأن التخفي في المجاري، ولو وجدت فيه فرضية نجاة، لا يليق بالعظماء.
مات العظيم، بل استشهد، مرتفع القامة منتصب الهامة، مفسدًا سعادة الكيان ومعها سيناريو مادة إعلامية وثّقوها بأيديهم وأخرجوها بعناية لتخدم وجهة النظر الصهيونية.
نجح العدو في تصفية السنوار، لكنه نسف رواياته التي بلغت حد التواتر بين مواطنيه، حول تحصنه في الأنفاق بشكل مستمر واتخاذه الأسرى دروعًا بشرية.
أفلح الاحتلال في اغتيال السنوار، لكنه فشل في تغييب صورة النصر والصمود لدى الوعي الجمعي للأمة الإسلامية وأحرار العالم، فبعد معجزات عصا موسى قبل ثلاثة آلاف وأربعمائة عام، يسجل التاريخ الحديث قصة عصا السنوار وحكاية صموده!